ذاكرة المستقبل / جمعة اللامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاثنين : 29 يناير 2007
الــحُـسَيـْـن(عليه السلام)
" معلّم نفسه ومؤدّبها ،
أحقّ بألأجلال من
معلّم الناس ومؤدّيهم "
( الامام علي )(عليه السلام)
يحفظ اهل العقل واصحاب الضمير ، للأمام الشهيد الحسين بن علي (عليهما السلام) ... ، انه صاحب مشروع نهضوي ، مبني على على شرع الله تعالى ، وعلى سنة رسوله الكريم ، عليه وعلى آله افضل الصلوات والتسليم . سداه ولحمته : " الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " .
ويكفيه عبودية الى الله تعالى، وليس لمنصب او جاه او ثروة او رئاسة ، انه ترك رأسه نهبا للنبال ، وجسده ساحة تلعب عليه السيوف . ولم يتراجع ، ولم يهادن ، ولم يهن ، ولم تأخذه بالله لومة لائم .
هو ، هكذا ، لأنه ابن " مدرسة محمد".
ومن ينشا في حضن المصطفى، ومن امه فاطمة ، ومن ابوه علي (عليها وعلى ابيها و بعلها و بنيها السلام)، لا يروم ملكا ، ولا يبتغي سلطة ، ولا يطلب رئاسة ، ولا بسعى من اجل صيت ، وانما خلقه الشهادة ، ومبتغاه رضا الحق.
ولقد نالها راضيا مرضيا
وهذا هو خلق الاحرار على امتداد تاريخ البشرية .
ومنذ الف سنة ، وعليها اربعة قرون زيادة ، حفظته صدوراحرار الكوكب ،، وتغنت بذكره قصائد الشعراء ، واغتنت بذكراه صحائف المؤرخين ، وناداه نفر من اقوام شتى على مذاهب وافكار مختلفة . لانه كان ابنا للهواشم ، وسبطا للعرب ، ونشيدا لكل حر في هذه الدنيا .
الحسين مشروع عالمي للحرية .
والحسين لاحرار العالم كلهم .
دينه ام على غير الاسلام ، عبدوا الله ام اتخذوا ثقافة غير دينه دينا : انه يقول لاعدائه اذا لم تكونوا احرارا في دينكم ، فكونوا احرارا في دنياكم .
وهذا هو جوهر المفهوم الاسلامي للحرية .
وهذا هو البيان الاول للحرية في العالم .
وهكذا يرى الحسين(عليه السلام) ان الاوطان الحرة يبنيها الموطنون الاحرار ، قبل ان يطلق " فولتير " عبارته الشهيرة تلك . وهذا الوطن الحسيني ، ثورة ثقافية مستمرة ، لا مكان فيه لاوثان العصبية ، ولا ايوان فيه لاصنام الجاهلية ، وتجسيدات الحجر القيصري والكسروي والطواغيت
.
الحسين (عليه السلام) هو مكسر الاصنام ، من داخل الثقافة الوثنية في المشهد الثقافي والفكري العربي في زمانه ، وجذوره في المجتمعات العربية الاولى، التي عاصرها جده ابراهيم الخليل ، الذي حطم الصنم الكبير وعلق الفاس على عنقه .
لكنه في المقام الاول عربي .
عروبة الحسين تقوم على انسانية المعرفة والاختيار الحر ـ حتى الموت ـ للموقف في لجة الصراع الفكري والاجتماعي .
ومن يحب الحسين ـ والحسين حب خالص ـ لا يكره العرب . ولا يزدري العروبة . ولا يشوه الثقافة العربية . لكن هذا يعني ادامة النظر العقلي فيها ، ولا يشمئز من ذكر كلمة " عربي " .
ومن يحب الحسين لا يوثن الحسين ، لان الحسين ليس صنما ، او وثنا ، وانما هو بشر يمشي في الاسواق ...
ومن يحب الحسين ، يحب محمدا ، ويحب عليا ، ويحب صحابة رسول الله ، ويفرزالدخن من القمح ، ويضع الصالح في مكانه ، ويُمَوْقِع الطالح في تنوره : الحسين رسالة تعلي من شأن البشر ، ولا ترى في الحجر ربّا . جده رسالة اممية ، وابوه محطم الاصنام ، ووالدته التي اختارا ان تموت وحيدة ، بينما كان الكثير من الصحابة يتمنون القرب منها حية ، والاقتراب من قبرها ميتة .
السلام على شهيد العرب والمسلمين والاممية البشرية كلها
والسلام على جده وابيه وامه وصحبه ، وعلى كل من عرف ان الحسينية ثورة دائمة ، هي استكمال لاستعادة البشرية عذريتها المنتهكة بعد الانقسام الاجتماغي الذي قاد الى الاحتكار والتسلط والعنصرية .
الحسين رسول ثقافة جديدة ضد ثقافة بائدة ، تعنى بالحياة عندما يكون غايتها هذا التماثل والتطابق بين القول والفعل . وهو ما طبقه على انفسهم صحابته الفقراء والامراء والسود والبيض والصفر والشقر والنساء والرجال . من السلطة التي ارادت الجعجعة به ، او من اولئك الفقراء الذين راوا خلاصهم في فكره وليس في شخصه فقط .
من يبوّب الحسين لطائفة او ملة ، ليس حسينيا .
ومن ينكفيء على نفسه في عملية هروب ، ليس حسينيا ,
الحسين مواجهة بين الحسين والحسين ، وليس بين الشيطان والحسين فقط .
وفي يوم ذكراه ، سلام على الحسين ، ثقافة للتغيير الشامل . تختار البشر وليس الحجر . وتنطوي على نظرة متقدمة الى المراة كما هي زينب . ولا تريد في الحياة عوجا ، رافعة من : " الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " لافتة تعيد الى البشرية طهارتها الاولى .
والحسين نقد لكل اولئك الذين هربوا من الهوية العربية الى هويات مستعارة ، لا متفاعلة معها ، فسقطوا في بيروقراطية النقل والتحجر الكهنوتي .
والسلام على العراق ، الذي خلاصه في ثقافة الوطن الحر الذي يبنيه موطنوه الاحرار ، وليس اولئك الذين يعتمدون على التقليد الاعمى ، او التلقين الببغائي
والسلام على العراق الموحد بارضه ، وبثقافته المتعددة في النوع ، المتوحدة في المنبع .
والسلام
على ورثة الحسين في القول والعمل والضمير ، فوق اي ارض وُجِدُوا ... !
جمعة اللامي
تنويه : لم تجد هذه الكلمة صدى لها في يوم ذكرى نحر الحسين ، لان اعلامنا العربي، له مشارب اخرى ، فعذرا ابا عبدالله ، وهذه زفرة من احد حلاجيك
المصدر
http://www.juma-allami.com/inp/view.asp?ID=404
No comments:
Post a Comment